الثلاثاء، 30 سبتمبر 2008

عبد الناصر ... مرثية للعمر الجميل



أحببت عبد الناصر كثيرا منذ صغرى ، كنت استمع للمناقشات الدائرة بين الكبار عن عبد الناصر و السادات و أتدخل فى حماس للدفاع عن عبد الناصر ، كنت أحفظ صفحات من الميثاق عن ظهر قلب ، و كان معظم أصدقائى يعجبون من هذا لأننى لم أحيا فترة عبد الناصر ، و لم يكن أبى من المعجبين بعبد الناصر على العكس ، و ما زلت أذكر الكثير من العبارات التى كنت أحفظها .. "العمل شرف ، العمل حق ، العمل واجب ، العمل حياة " .... "ان معركة الانتاج هى التحدى الحقيقى الذى سوف يثبت فيه الانسان العربى مكانه الذى يستحقه تحت الشمس "

كان عبد الناصر و مازال يمثل لى القدرة على الحلم و التحدى و الامل ، هذه القدرة على الحلم و الشعور بالقوة التى نفتقدها الآن ( من يهن يسهل الهوان عليه .... ما لجرح بميت ايلام ) و أعتقد أن قوة عبد الناصر كانت فى هذه القدرة على الحلم ، وهو ما نفتقده الآن ، حيث يحيا الجميع بلا حلم أو أمل مع شعور غريب بأن قدرنا هو أن نكون تابعين ، من يجرؤ الآن على الحلم بعمل مثل السد العالى ، من يستطيع أن ينسى صوت عبد الناصر وهو يضرخ فى الناس فى الأزهر سنقاتل .. سنقاتل .. حتى الآن أسمع هذه الخطبة فأتمنى لو أحمل السلاح و أحارب .

ربما حين كبرت و قرأت عن التعذيب فى المعتقلات ، عن كمشيش و ما حدث فيها أصبح هذا الاعجاب مشوب بغصة و مرارة لا تزول ، لم أستطع أبدا اقناع نفسى بفكرة الديكتاتور العادل ، لكنه فعلا رجل من اشجع الرجال و أطهر الرجال ، مثل دون كيشوت حارب الجميع لكنه انكسر و انكسرنا معه ، دائما حين يسألنى أحد فى أى عصر كنت أتمنى أن أعيش ، كنت أقول اما مع رسول الله ( صلى الله عليه و سلم) ، و اما فى عهد عبد الناصر شرط أن أموت قبل النكسة ، ودائما اتسائل عما كانت ستكون عليه حال مصر لولا النكسة .
من أجمل الأشعار التى قرأتها فى رثا عبد الناصر شعر أحمد عبد المعطى حجازى فى ديوان مرثية للعمر الجميل ، لكننى لن أستطيع أن أكتب القصيدة كاملة لأن الديوان مع أحد أصدقائى لكننى أذكر منها (ان لم تخنى الذاكرة)..

آه ..
هل يخدع الدم صاحبه !!
هل تكون الدماء التى عشقتك حراما !!
تلك غرناطة سقطت ،
ورأيتك تسقط دون جراح
كما يسقط النجم دون احتراق
فحملتك كالطفل بين يدى و هرولت
أكرم أيامنا أن تدوس عليها الخيول
وتسللت عبر المدينة حتى وصلت إلي البحر،
كهلا يسير بجثة صاحبه ، في ختام السباق!
............
من ترى يحمل الآن عبء الهزيمة فينا
المغنى الذى طاف يبحث للحلم عن جسد يرتده
أم الملك المدعى أن حلم المغنى تجسد فبه
هل خدعت بملكك حتى حسبتك صاحبى المنتظر ،
أم خدعت أنت بأغنيتى ،و أنتظرت الذى وعدتك به ،
ثم لم تنتصر ..

أم خدعنا معا بسراب العمر الجميل !!!!!
.
.
.


زمن الغزوات مضى،
والرفاق .. ذهبوا
ورجعنا يتامى ..
هل سوى زهرتين أضمهما فوق قبرك ،

ثم أمزق عن قدمى الوثاقا !!!!

الخميس، 25 سبتمبر 2008

موارد و شخصيات ..





لماذا يتباكى الجميع ليل نهار على ضعف انتماء الجيل الجديد لمصر ، ماذا قدمنا لهم لزرع هذا الإنتماء فى نفوسهم ، ماذا تزرع الدولة فى عقولهم فى المدارس !
هذا الاسبوع تسلمت ابنتى الكبرى كتب الصف السادس ،و لاننى معتادة على القيام بدور المدرس الخصوصى فى المنزل بدأت فى تصفح الكتب ، مفاجأة ، اذا كنتم فى سنى أو أصغر قليلا فلابد أنكم درستم تاريخ مصر الحديث فى الصف السادس ، كنت أحب حصص التاريخ كثيرا ، و خاصة منهج الصف السادس ، لهذا كان كتاب ابنتى صدمة ، لماذا ! أولا تم دمج التاريخ و الجغرافيا و التربية القومية فى كتاب واحد اسمه موارد و شخصيات ، ماعلينا الاسامى لا تهم ، الكتاب مكون من 3 وحدات ، الوحدة الأولى الانسان و الموارد الطبيعية تتحدث عن الموارد الطبيعية فى العالم عموما ، الوحدة الثالثة مهمة جدا ، ويجب أن يتم التركيز عليها ، لماذا ؟ لأنها تتحدث عن السياحة فى مصر ، و طبعا واضح ان مشروع الحكومة الذي يتم التأكيد عليه فى أذهان الطلاب هو ان مصر بلد سياحى ( أين الصناعة ، و الزراعة لا أعلم)، لابد أن ينشأ الأطفال و داخلهم يقين أن هؤلاء الأجانب هم أصحاب فضل علينا أو كما يقولون مأكلينا عيش ، مع ملاحظة أن كل من لهم أبناء فى الدراسة الابتدائية يعلمون أن السياحة هى الموضوع الرئيسى فى كتب اللغة العربية و الدراسات الاجتماعية منذ الصف الرابع ، و هو ما لا ينفيه اللذين أعدوا الكتاب اذ انهم وضعوا ورقة في بداية الكتاب تقول أنهم استعانوا بكتب الصفين الرابع و الخامس ( طبعا على أساس ان التكرار يعلم الشطار ، و فى الاعادة افادة ).



ماعلينا ، نأتى الى الوحدة الثانية و هى مربط الفرس ، و تتحدث من كل تاريخ مصر عن شخصيتبن محمد على و أحمد عرابى، و بلغة ركيكة لا تشويق فيها ، و اختصار ممل تنتهى قصة محمد على مؤسس الدولة المصرية الحديثة بهزيمته بالطبع لانه نسي نفسه و حاول النهوض بمصر ، ولا يفوت المؤلف ( مع أنه أغفل الكثير من الأحداث) ، ان يذكر فى الهوامش أن محمد على نفى السيد عمر مكرم الى دمياط ( حتى يعرف الأطفال عاقبة الثورة على الحكام ) ، و تذكر بوضوح للطلاب أن ثورة عرابى انتهت بدخول الانجليز الى مصر ( لكى يعرف الطلاب نهاية التمرد – لاحظوا أن كتاب القراءة الذي لايستحق القراءة به موضوع كامل عن طاعة أولى الأمر استنادا على الآية القرآنية " يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شئ فردوه الى الله و الرسول" ) ، ويذكر الكتاب طبعا فى سطرين أن الشعب المصرى استمر فى الجهاد لاخراج الانجليز من مصر و كان من زعماءه محمد فريد ، و مصطفى كامل .
أين ما درسناه لا أعلم ، اين حفر قناة السويس ، و دليسبس ، و الخديو سعيد الذى كان يحب أكل المكرونة ، أين سعد زغلول ، دستور 23 ، دستور 36 ، أين الثورة المصرية ، و مبادئها الستة . يمكن فى الترم الثانى ، هل سيدرس الأطفال عبد الناصر فى التيرم الثانى ؟ لا أعلم و لكننى واثقة أنهم لو درسوه فسوف تكون النهاية هى نكسة 67 .
فعلا كتاب يليق بأن يحمل على غلافه صورة مبارك .
كتب اللغة العربية كارثة لا تقل عن كتب التاريخ لا يوجد بها نص أدبى واحد يمكن أن يحبب الأطفال فى القراءة أو اللغة العربية ، و على حبن تدرس ابنتى نسخة مبسطة ( simplified ) لقصة أوليفر تويست فى اللغة الانجليزية فان القصة التى تدرسها فى اللغة العربية هى قصة حياة على مبارك بقلم (محمد صلاح فرج) ، من هو محمد صلاح فرج الذي يتنافس مع تشارلز ديكنز لا أعلم ، لكننى وجدت نفسي و أنا أنظر الى القصة أتذكر عادل امام وهو يقول على مبارك و زكى جمعة ، إلا مين زكى جمعة ده ؟؟؟؟؟ و مع كل احترامي له فهو ليس نجيب محفوظ و لا عبد الرحمن الشرقاوى و لا اعلم لماذا لا يدرس الطلاب نسخ مبسطة لكبار الكتاب المصريين مثل كفاح طيبة لنجيب محفوظ أو الأرض لعبد الرحمن الشرقاوي ، لماذا لا يدرسون أجزاء من رائعة أحمد شوقى ( مصرع كيلوباترا ) ، أو أي من النصوص الأخرى التى تحببهم فى اللغة العربية و تنمى قدراتهم اللغوية ،و لكن الواضح أن محمد صلاح فرج له اتجاهات سياسية متطورة ، ففى آخر الكتاب و بدون مناسبة يذكر أن على مبارك كان معتدلا و لم يناصر العرابيين اللذين انتهت حربهم باحتلال انجلترا لمصر ، مع أنه كان يتفق معهم فى المبادئ ، لكنه لم يوافق على طريقتهم ، لكنه قد فاته ذكر هذه الطريقة، ربما كان يريد أن يؤسس عرابى حزبا يموله الخديوى و يدخل به الانتخابات ضد حكومة رياض باشا مثلا ، أى مبادىء يحاولون تعميقها فى نفوس الصغار ، هل الاعتدال هو الخنوع و قبول الذل لأن الثورة تنتهى دوما بالهزيمة ، هل هذا حقا ما أريد لإبنتى أن تعتقده ، هل القعود عن نصرة عرابى اللذى وقف على حصانه فى ميدان عابدين امام الخديوى توفيق لينفى عننا جميعا المذلة و الخنوع بعبارته الشهيرة " لقد خلقنا الله أحرار ولم يخلقنا تراثا أو عقارا يورث ، فوالله الذى لا إله الا هو اننا لن نورث و لن نستعبد بعد اليوم " شرف يستحق الاشادة !!!!!!!!.



و الله العظيم حرام ، ليس هذه ما كنت أتمنى ان تدرسه ابنتى ، و أعتقد أن واضعى هذه المناهج يجب أن يحاكموا اما بتهمة الخيانة العظمى أو الحماقة العظمى.

الأحد، 21 سبتمبر 2008

اللهم أشفى مرضانا و مرضى المسلمين ...

أحببت دوما كل ما يتعلق بشهر رمضان ، الزينات و الأضواء فى الشوارع ، اللمة حول الافطار ، السحور ، صلاة الفجر ، الأناشيد فى الجامع ..
هذا العام أحاول جاهدة الشعور بهذه البهجة ، أو حتى التظاهر من أجل بناتى ، لكن فى حلقى غصة لأن انسانة عزيزة جدا الى قلبى اكتشفت فى الاسبوع السابق لرمضان اصابتها بورم خبيث ، أدعوا الله أن يكتب لها الشفاء ، و أتمنى ان كان هناك من قادته قدماه على النت الى هذه المذكرات أن يدعوا لها بالشفاء ( اللهم اشفى مرضانا و مرضى المسلمين ).