الجمعة، 23 أغسطس 2013

الشمعة و الدهليز


"
قدموا من خلال قناة الحزب الواحد ، خطاب كل الأحزاب  ، تحدثوا باسم الاشتراكية ، تحدثوا باسم الرأسمالية ، تحدثوا باسم الاسلام  و الإيمان ، تحدثوا باسم العلمانية و الالحاد ، حاولوا أن يجعلوا من بلدنا الآمن ، قاعة كبري فى مستشفى ، جمعوا فيها كل المرضى ، و راحوا يحقنون كل مريض بالدواء الذى يلائم مرضه  .، 
هكذا هئ لهم ،
 لكن المرضى تبين أنهم مصابون بمرض واحد ، هو هذا الخطاب الكاذب ، هذا النفاق الذى فقد كل مذاق و طعم له .
قال الاشتراكيون : كفى اما أن نتمركس ، و اما أن نترسمل .
قال الرأسماليون : كفى ... اما أن تحررونا ، و اما أن تقضوا علينا نهائيا .
قال الإسلاميون : اما مساجد ، و اما خمارات ..
قال العلمانيون : كيف تعلمون أبنائنا أصوا الدين فى النهار ، و تقدمون لهم فى الليل الأفلام الغربية الخليعة الفاجرة .
قال المدافعون عن العربية :  اما عربية و اما فرنسية 
قال الفرنسيون : اما جزائر فرنسية ، و إما لا جزائر أصلا ، نفقرها ، نجوعها ، نفككها ،  نسلمها للأجنبى .

من هم هؤلاء الناس ، الذين يلعبون كالبهلوانات ،  بكرات عديدة بعضها فى السماء ، و بعضها بين أيديهم ، بعضها يعلو ،  بعضها ينزل ، يشدون نفس المتفرج و بصره ، فلا هو بين هذه و لا بين تلك ، لا هو مع الطالعة و لا النازلة "

عن رواية " الشمعة و الدهليز "
للكاتب الجزائرى " الطاهر وطار
1994

" و أى تشابه فى التساؤلات مع اى مكان آخر هو محض تشابه "

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

على الحبل المشدود





أسير و تسير معى عائلتى ،
  نسير و تسير معنا مصر  ، 
على حبل رفيع مشدود تفتح تحته هوة  متسعة أذرعها لاستقبالنا متمنية لنا السقوط

لا أدعى الثورية ،على العكس انا ممن يعتقدون بعدم الخروج على الحاكم لدفع الضرر و الفوضى الناتجة حتما عن عزل الحاكم بالقوة ،  و لكنى نزلت الى الشارع يوم 30 / 6 و بقيت أنزل كل يوم الى ان تمت تنحية  محمد مرسى عن حكم مصر ، ليس لارتفاع الأسعار، و لا انقطاع الكهرباء ، و لا أزمة البنزين ، و لكن لأنى آمنت ، ان بقاء هذا الحكم الذي يحتضن الارهابيين ، و يجعلهم نجوم المجتمع ، و يجعل الانتماء لتيارات معينة هو المؤهل الوحيد لتقلد المناصب ، ليس من مصلحة مصر ، لاننى كنت ارى فى فكر الجماعة الاخوانية الكثير من المنطق المعوج و الأفكار السقيمة ، فهم يزعمون ان الدين هو الوطن ، و الرسول (ص) يقول ان مكة هلى احب بلاد الله الى قلبه و لولا ان أهلها أخرجوه منها ما خرج ، و يقولون ان الغاية تبرر الوسيلة و هو منطق مكيافيللى حقير لا يتفق مع زعمهم انهم يقيمون دولة الاسلام لأن رسول الله (ص ) يقول أن آية المنافق ثلاثة أولها انه اذا حدث كذب ، و فى النهاية هم يقومون بالشحن المعنوى للشباب حتى  يصبح الموت و الشهادة احب اليهم من الحياة ثم يتاجرون بصور الموتى و يتناسون ان للموتى حرمة ..

لى أصدقاء أفضل منى كثيرا خلقا و علما كانوا مع المعتصمين فى رابعة ، و يرون اننى ممن فوض الفريق السيسى لقتلهم ، و بعضهم يرون اننا ما نزلنا  يوم 30 / 6 الا لثقتنا من عدم وجود خطر ، فى حين انهم هم من واجهوا الخطر فى ثورة يناير من أجل ان نستطيع نحن " حزب الكنبة " الاحتفال فى الاتحادية ،  فى نفس الوقت الذى لي فيه أقرباء أفضل منى علما و خلقا فى صفوف الشرطة و الجيش المصريين أراهم بعينى يصلون الليل بالنهار فى الخدمة و يتنقلون من مدينة لأخرى  اما تاركين و رائهم أسرهم ، او جارييهم معهم من مدينة لأخرى فى حياة قلقة لا يعوضها ارتفاع المرتبات كما يعتقد البعض ، و التى لا ترتفع حقا الا مع زيادة الرتبة كطوق النجاة الذى يلقى للغريق بعد الوصول الى الشاطئ .

و لأن كلا من الطرفين غارق فى جزء من الصورة فهو لا يرى غيرها ، فلا يرى رجال الشرطة و الجيش الا الاسلحة المصوبة نحوهم من الجهاديين ، و الا تعنت الشباب المسالم الذى يرفض ترك المظاهرات و الاعتصامات مع علمه بوجود السلاح مع البعض ، وهتافاته الوقحة أحيانا، و لا يرى اصدقائى المسالمين الا تجاوزات بعض رجال الشرطة و الجيش  ، لكنهم مع الاسف لا يرون أو يتظاهرون بعدم رؤية المسلحين اللذين يندسون فى مظاهراتهم و اعتصاماتهم  ، يظنون انهم ينصرون الاسلام و يتناسون ما فعله سيدنا عثمان حين كان فى نفس الموقف الذى وقف فيه مرسى ، فرفض ان يقاتل دونه احد من المسلمين حتى لا يلقى الله و دم احد المسلمين معلق برقبته ، بل و أعلن لغلمانه ان يعتقهم جميعا بشرط الا يدافعوا عنه ضد الثوار .... ما علينا ...

اتمنى ان يحاول كل منا ان يضع نفسه قليلا فى الجانب الآخر للصورة ، تصور عزيزى المتظاهر السلمى نفسك ضابطا رأيت و ترى ما يحدث لزملائك اذا وصلتم اليهم ، و تتعر ض لهجوم من ألفا من المتظاهرين السلميين و يتم فى نفس الوقت اطلاق النيران عليك من ثلاثة مسلحين ، ما هو احتمال ان تتقن التصويب لاصطياد هؤلاء المسلحين و سط الألف .
تصور نفسك عزيزى الضابط شاب مصرى فى مقتبل العمر يحلم بدولة ديمقراطية و يرى  انه يسعى من أجل مصر أفضل ، هو ليس ضد الشرطة المصرية على العكس ، كل فئة من المجتمع بها الطيب و بها الخبيث ، فى الدول التى يتم فيها تطبيق القانون على الجميع ، لن يجرؤ  مواطن على مهاجمة قسم أو سجن ، لكنه ايضا يجب ان يكون واثقا انه اذا تعرض للاهانه ، أو للحط من كرامته فى اى قسم أو سجن من ضايط مريض نفسيا ، فان وزارة الداخلية نفسها ستكون أول من يأتى له بحقه .

اما اخطر ما وصل الموقف له فى مصر فهو القتل على الهوية ،  يقتل الانسان لانه يرتدى جلبا أو ترتدى نقابا ، يقتل لأنه يضع صورة للسيسى ، أو يرفع علما ، أو يحمل صليبا ...

أؤمن أن مصر هى كنانة الله فى أرضه ، أؤمن ان الله يحميها ، أؤمن ان جندها هم خير أجناد الأرض ، و أن  الحضارة العميقة تجرى فى عروق أبنائها ، لهذا اتمنى ان نستفيق جميعا من هذا الجنون ، القتل على الهوية هو بداية الحرب الأهلية فى أى دوله ، المصارحة و المصالحة و الغفران هما  الطريق الوحيد كى لا أسقط ، و تسقط ، ويسقط أبنائى و أبنائك ، و تسقط مصر ، فى الهوة التى نخشاها ..