منذ بدأت العمل كمهندسة انتاج ، يحيرنى جدا هذا المصطلح ، و أتمنى أن أعرف من أين أتى ، حين تطلب من أحد ما ملاحظ ، عامل ، القيام بعمل ما حسب الرسم ، فيخبرك ان هذا العمل لا يمكن أن يتم ، لأنه يجب أن يتم على أبوه ، ماذا يعنى على أبوه ، ببساطة لمن لم تقوده قدما يوما لأى ورشه فى مصر المحروسه ، فهذا يعنى على الواقع بدون رسم و لا حسابات و لا هندسة ، بالضبط كما كان الأسطى حسن يعلم الولد بليه منذ قديم الأزل ...
ما علينا ...
ما علينا ...
كنت أتجادل مع أحد المهندسين فى المصنع الذى أعمل به ، و أخرجت قلمى الرصاص ،أحاول أن أشرح له وجهة نظرى ، فاذا بالمهندس المحترم ، خريج كلية الهندسة ، الذى اعتاد العمل على أبوه ، يشوح فى وجهى وهو يقول " هى الهندسة دى اللى جابتنا لورا "،لم يكن الاعتراض على وجهة نظرى ، والتى كانت منطقية جدا بالمناسبة، كان الاعتراض على الهندسة كلها ..
تذكرت هذه الحادثة منذ يومين و أنا أشاهد قيلم "The Last Samurai" ، واحدة من عيوبى الكثيرة اننى مدمنه للأفلام الأمريكية ، وهذا الفيلم هو واحد من أفلامى المفضلة ، الساموراى مع كل مايمثلونه من الشرف ، و خدمة الواجب ، و الإخلاص ، انقرضوا ، لأنهم لم يستطيعوا مواجهة الأسلحة الحديثة ، العلم ، حتى مع الخسة ، هو الذى انتصر ، تماما كما انتصرت القنبلة الذرية فى هيروشيما ، و القنابل الفسفورية فى العراق ، و العجلات الحربية للهكسوس على قدامى المصريين .
التاريخ يتكرر ، و الأمم التى تحترم العلم تتقدم و تنتصر ، أما الأمم التى تعمل على أبوه ،الأمم التى لا تحترم العلم و لا العمل ، فمصيرها أن تأكل القمح الموجودة به 18 نوع مختلف من الحشرات، لأنها قررت أن تزرع الكانتلوب بدلا من القمح .
فلماذا لانحترم العلم !!!!
أحد أقاربى دائما ما يتندر قائلا أننا ما دمنا قد اخترنا السياحة خيارا استراتيجيا ، فربما يجب أن نضع على الملصقات فى المستقبل، زوروا مصر ، نحن متحف مفتوح للحياة فى العصور الوسطى
المهندس زميلى ليس حالة شاذة ، و المشكلة كما أعتقد تكمن فى نظام التعليم الذى يخرج منه الكثيرون وهم يحملون عقلا فارغا ، و شهادة تأهلهم للعمل على أبوه ،
متى نعود لاحترام العلم ، و العلماء ، لا أعلم ..
لكننى أعتقد ان الوقت قد حان ـ و الا كما يقول فؤاد المهندس " الدنيا هتعدي علينا ، تطلع لنا لسانها ، و تقول راحت عليكم يا حلوين "
و أعتقد اننا لو لم نفق سريعا فسيأتى هذا اليوم أسرع مما نتخيل .