أسير و تسير معى عائلتى ،
نسير و تسير معنا مصر ،
على حبل رفيع مشدود تفتح تحته هوة متسعة أذرعها لاستقبالنا متمنية لنا السقوط
لا أدعى الثورية ،على العكس انا ممن يعتقدون بعدم الخروج
على الحاكم لدفع الضرر و الفوضى الناتجة حتما عن عزل الحاكم بالقوة ، و لكنى نزلت الى الشارع يوم 30 / 6 و بقيت أنزل كل يوم الى ان تمت تنحية محمد مرسى عن حكم مصر ، ليس لارتفاع الأسعار، و
لا انقطاع الكهرباء ، و لا أزمة البنزين ، و لكن لأنى آمنت ، ان بقاء هذا الحكم
الذي يحتضن الارهابيين ، و يجعلهم نجوم المجتمع ، و يجعل الانتماء لتيارات معينة
هو المؤهل الوحيد لتقلد المناصب ، ليس من مصلحة مصر ، لاننى كنت ارى فى فكر
الجماعة الاخوانية الكثير من المنطق المعوج و الأفكار السقيمة ، فهم يزعمون ان
الدين هو الوطن ، و الرسول (ص) يقول ان مكة هلى احب بلاد الله الى قلبه و لولا ان
أهلها أخرجوه منها ما خرج ، و يقولون ان الغاية تبرر الوسيلة و هو منطق مكيافيللى
حقير لا يتفق مع زعمهم انهم يقيمون دولة الاسلام لأن رسول الله (ص ) يقول أن آية
المنافق ثلاثة أولها انه اذا حدث كذب ، و فى النهاية هم يقومون بالشحن المعنوى
للشباب حتى يصبح الموت و الشهادة احب
اليهم من الحياة ثم يتاجرون بصور الموتى و يتناسون ان للموتى حرمة ..
لى أصدقاء أفضل منى كثيرا خلقا و علما كانوا مع
المعتصمين فى رابعة ، و يرون اننى ممن فوض الفريق السيسى لقتلهم ، و بعضهم يرون
اننا ما نزلنا يوم 30 / 6 الا لثقتنا من عدم وجود خطر ، فى حين انهم هم من واجهوا
الخطر فى ثورة يناير من أجل ان نستطيع نحن " حزب الكنبة " الاحتفال فى
الاتحادية ، فى نفس الوقت الذى لي فيه
أقرباء أفضل منى علما و خلقا فى صفوف الشرطة و الجيش المصريين أراهم بعينى يصلون
الليل بالنهار فى الخدمة و يتنقلون من مدينة لأخرى اما تاركين و رائهم أسرهم ، او جارييهم معهم من
مدينة لأخرى فى حياة قلقة لا يعوضها ارتفاع المرتبات كما يعتقد البعض ، و التى لا
ترتفع حقا الا مع زيادة الرتبة كطوق النجاة الذى يلقى للغريق بعد الوصول الى
الشاطئ .
و لأن كلا من الطرفين غارق فى جزء من الصورة فهو لا يرى غيرها
، فلا يرى رجال الشرطة و الجيش الا الاسلحة المصوبة نحوهم من الجهاديين ، و الا
تعنت الشباب المسالم الذى يرفض ترك المظاهرات و الاعتصامات مع علمه بوجود السلاح
مع البعض ، وهتافاته الوقحة أحيانا، و لا يرى اصدقائى المسالمين الا تجاوزات بعض
رجال الشرطة و الجيش ، لكنهم مع الاسف لا
يرون أو يتظاهرون بعدم رؤية المسلحين اللذين يندسون فى مظاهراتهم و
اعتصاماتهم ، يظنون انهم ينصرون الاسلام و
يتناسون ما فعله سيدنا عثمان حين كان فى نفس الموقف الذى وقف فيه مرسى ، فرفض ان
يقاتل دونه احد من المسلمين حتى لا يلقى الله و دم احد المسلمين معلق برقبته ، بل
و أعلن لغلمانه ان يعتقهم جميعا بشرط الا يدافعوا عنه ضد الثوار .... ما علينا ...
اتمنى ان يحاول كل منا ان يضع نفسه قليلا فى الجانب
الآخر للصورة ، تصور عزيزى المتظاهر السلمى نفسك ضابطا رأيت و ترى ما يحدث لزملائك
اذا وصلتم اليهم ، و تتعر ض لهجوم من ألفا من المتظاهرين السلميين و يتم فى نفس
الوقت اطلاق النيران عليك من ثلاثة مسلحين ، ما هو احتمال ان تتقن التصويب لاصطياد
هؤلاء المسلحين و سط الألف .
تصور نفسك عزيزى الضابط شاب مصرى فى مقتبل العمر يحلم
بدولة ديمقراطية و يرى انه يسعى من أجل مصر
أفضل ، هو ليس ضد الشرطة المصرية على العكس ، كل فئة من المجتمع بها الطيب و بها
الخبيث ، فى الدول التى يتم فيها تطبيق القانون على الجميع ، لن يجرؤ مواطن على مهاجمة قسم أو سجن ، لكنه ايضا يجب ان
يكون واثقا انه اذا تعرض للاهانه ، أو للحط من كرامته فى اى قسم أو سجن من ضايط
مريض نفسيا ، فان وزارة الداخلية نفسها ستكون أول من يأتى له بحقه .
اما اخطر ما وصل الموقف له فى مصر فهو القتل على الهوية
، يقتل الانسان لانه يرتدى جلبا أو ترتدى
نقابا ، يقتل لأنه يضع صورة للسيسى ، أو يرفع علما ، أو يحمل صليبا ...
أؤمن أن مصر هى كنانة الله فى أرضه ، أؤمن ان الله
يحميها ، أؤمن ان جندها هم خير أجناد الأرض ، و أن الحضارة العميقة تجرى فى عروق أبنائها ، لهذا
اتمنى ان نستفيق جميعا من هذا الجنون ، القتل على الهوية هو بداية الحرب الأهلية
فى أى دوله ، المصارحة و المصالحة و الغفران هما
الطريق الوحيد كى لا أسقط ، و تسقط ، ويسقط أبنائى و أبنائك ، و تسقط مصر ،
فى الهوة التى نخشاها ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق