تحمست كثيرا لفكرة اضراب 6 ابريل ، تخيلت انها فرصة ذهبية لنخبر الحكومة أننا نحن أفراد الشغب غير المنتميين لأى حزب ، غاضبون ، ونحن كثيرون ، ويمكننا أن نتفق ، وأن نكون قوة ، و أعتقد أن هذه كانت الفكرة الرئيسية للاضراب ، وأن كثيرون من الذين رفضوا المشاركة فى هذا الاضراب سيأتى يوم يتمنون فيه لو كانوا مكثوا فى بيوتهم ذلك اليوم .
ما علينا ..
ولأننى أصلا من المحلة ،و ما زال أبى و أمى يسكنون هناك ، فقد سافرت الى المحلة يوم الجمعة صباحا لأراهم ، و طوال الطريق كانت عربات الأمن المركزى تصاحبنا الى المحلة ، أعداد غير طبيعية ، كأنهم ذاهبون الى معركة .
فى المحلة كان الجميع يتحدث عن يوم الأحد بترقب ، و كان الجميع لا ينوي الذهاب الى العمل .
كنت قد قررت العودة الى القاهرة يوم الأحد صباحا ، على أساس أننى لن أذهب الى العمل ، يوم السبت بدأ أقاربى فى المحلة فى الاتصال لتحذيرى لأن مديريهم فى العمل قد هددوا من لا يذهب الي العمل يوم الأحد بالفصل و الجزاءات التى قد تصل الى 6 أيام ، و تناثرت أخبار عن القبض على بعض العمال و أن العمال قد لا يقومون بالاعتصام،وقالت لى احداهم أن الامن يمر على المحلات ، ويأمر أصحابها ( حتى المسيحيين ) بضرورة فتح محلاتهم يوم الأحد ، لماذا أصر الأمن على فتح المحلات التى لم يستطع حمايتها فى ما بعد ؟
يوم الأحد صباحا ، أخذت بناتى و سافرنا ، كانت المحلة هادئة فى الصباح ، وكان الأمن المركزى يملأ الطرقات ، و فى المدخل كانوا قد وضعوا متاريس ناحية الدخول الى المحلة ، كان الأمن يسيطر تماما على المحلة منذ يوم الجمعة حتى يوم الأحد صباحا حين غادرتها .
مالذى حدث ؟ لا أعلم !
هل يوجد فى المحلة بلطجية ، نعم يوجد ، و لهم مناطق معلومة لا يدخل اليها الشرطة ، فما الذي يجعلهم يخاطرون بفقدان هذه الحالة من الوفاق مع الأمن ؟؟
كيف بدأ الأمر ، الذى لا شك فيه ان الأمن تعامل بقسوة مع المظاهرة الأولى التى بدأت فى الشون ، مما زاد من غضب الناس ،وخاصة مع انتشار الأنباء عن مقتل طفل فى التاسعة من عمره ، ثم حدثت التعديات و بدأت موجة من تكسير المحلات لم يفهم حتى المشاركون فى المظاهرة كيف بدأت .
تقول أمى أن الأمن حما البلد فى النهاية ، فمع اتساع أعمال الشغب ، تعرضت البنوك، و المطاعم ، و المحلات للاعتداء ، وفرض الأمن فى المحلة حالة من حظر التجول فى الأحياء الهادئة مثل القوتللى حتى يستطيع السيطرة على الموقف ، و تحولت المحلة الى مدينة محاصرة .
ولكن مما لا شك فيه أنه حتى لو كان من بدأ التكسير و التخريب كان من البلطجية ، فان هناك الكثيريين الذين انضموا اليهم ، وهذا هو ما سبب لى الكثير من الحزن و عدم التصديق ، كيف هانت عليهم البلد ؟!
هذا ما يجب أن نفكر فيه كثيرا ، كيف تهون على المرء بلده الى الدرجة التى يفكر فيها فى حرق القطارات ، دون التفكير فى أن هناك أبرياء من أبناء الوطن مثله كانوا يستقلون هذا القطار ؟؟؟
ما حدث فى المحلة يدعو للحزن ، و الفزع ، و التفكير .
و قبل أن ننسى ما حدث ، لابد و نحن نفكر أن نعلم أن المحلة يسكن بها الآن أكثر من مليونين من البشر ، و مع هذا تتعامل معها محافظة الغربية بتجاهل غريب وغير مبرر .
كانت المحلة قديما مدينة عمالية صغيرة ، و لكنها نظيفة .
فما هى الحال فى المحلة الآن ، توسعت المحلة كثيرا على الأطراف ، و لكن كل المرافق الموجودة بها تدهورت ، المياه ملوثة ( لها رائحة ) و ضعيفة لا تصعد الى شقة أبى فى الدور الأول دون موتور ، و الكهرباء تنقطع بالساعات فى معظم مناطق المحلة ( حتى المناطق التى تعتبر راقية فيها ) ، أما الشوراع فحدث و لا حرج ّ، فقد تم توصيل التليفونات و الغاز و الماء الى جميع المناطق على مدى سنتين دون رصف أى طريق ( فكر كم مرة تم تغيير الرصيف فى شارع صلاح سالم ، طريق المحلة المنصورة لم يتم رصفه منذ تخرجى من الجامعة سنة 1993 !! ) .
أما الكارثة الكبيرة فكانت مع تخبط القرارت الحكومية الخاصة بزراعة القطن وصناعة الغزل ،وهى الصناعة التى قامت عليها مدينة المحلة و اضطرار الكثير من الشركات و المصانع الصغيرة الى الاغلاق ، و فقد الكثيرون عملهم ، و انتشرت البطالة فى المدينة التى كانت عاملة ، كما أن الحكومة لم تحاول خلق أعمال جديدة ، و لهذا اضطر معظم من أعرفهم من جيلي الى العمل فى القاهرة و الاسكندرية ( اللتان لا تعرف الحكومة أسباب ازدحامهما ) .
ما حدث فى المحلة يدعو للحزن ، و الفزع ، و التفكير ، قبل أن يتكرر فى المناطق العشوائية و فى الصعيد و باقى محافظات مصر التى احتلها المقيمين فى المناطق الراقية فى القاهرة و الاسكندرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق